سبيل الكأس
يقع سبيل الكأس أمام الجامع القبلي في منتصف المسافة بينه وبين البائكة الجنوبية التي توصل إلى صحن قبة الصخرة. يرجع إنشاء هذا السبيل إلى الفترة المملوكية في عام 737 هجري بعهد الأمير سيف الدين تنكز الناصري حيث يصف الرحالة خالد البلوي هذا السبيل أثناء زيارته لبيت المقدس في كتابه تاج المفرق فيقول : ( وفي هذا الصحن ساقية ماء، تأتي من مسافة شاقة، ومهوى بعيد في الأرض، قطعت لها الجبال وصدعت لها الصخور الجليلة صدعاً بالمال الجسيم والأيدي الشديدة حتى انصبت منها المياه على المسجد الأقصى فأروت وأغدقت وفاضت وأفاضت إلى خسة من رخام كبيرة أمام المسجد الأعظم في وسطها فوّارة يجري فيها الماء) (1).
جُدد الكأس في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني وأضاف إليه الكأس الذي يخرج منه الماء نحو الحوض من قطعة واحدة من الرخام ( المشاهد اليوم) ويصفه الرحالة أوليا جلبي في زيارته للمسجد الأقصى فيقول:(ثم تتجه الخطوات مباشرة نحو حوض مائي كبير مبني من الرخام الذي اقتطع من كتلة واحدة حسب تعليمات السلطان نفسه _ سليمان القانوني _ إنه معلمٌ فريد لا مثيل له على الأرض).
وأيضا يصفه العالم عبدالغني النابلسي ( وجدنا الكأس قبالة أبواب المسجد، وهو كأس من الرخام كبير سعة باطنه مقدار خمسة أذرع، موضوع شكل نوفرة في وسط البحيرة الكبيرة، المستديرة الجوانب على شكل الكأس الذي في وسطها، والماء يخرج منه ويسقط في البحيرة، ثم يسيل في بالوعات حوله ويجري إلى صهريج كبير. ( أي أن المياه الفائضة تمر من خلال قناة أرضية إلى بئر مجاور)(2).
وسمي بالكأس لشكله الشبيه بالكأس
يستعمله الناس اليوم للوضوء، حيث يصب الماء من الكأس إلى البركة بصورة جميلة ومنها إلى صنابير المياه البالغ عددها عشرين حنفية أمام كل منها كرسي حجري ملون بديع الصنع أنشأها ( الكراسي) المجلس الإسلامي الأعلى بدقة متناهية. وبجانب السبيل مصطبة إلى الشرق تسمى مصطبة الكأس وعليها شبه محراب حديدي يظهر اتجاه القبلة ونبتت في المصطبة سروتان عظيمتان.
يقال أن سبيل الكأس يعود إنشائه إلى عهد السلطان الأيوبي أبي بكر بن أيوب عام 589 هجري وجدده المماليك لكن لا توجد دلائل تاريخية على ذلك خاصة وقد أوردنا النصوص التي ذكرها الرحالة والمؤرخون بأنه من صنع الأمير تنكز لذلك نرجح أن إنشاؤه كان في فترة المماليك.
المصادر والمراجع : (1) البلوي : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق ، ط1،ص69
(2) النابلسي : الحضرة الانيسية في الرحلة القدسية ، ص